الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

The last dance نشيد الرقص الأخير

نشيد آخر الرقص :

أرسلت نظراتي إلى أعماق عينيك الساهدتين *أيتها الحياة* فوقف نبضان قلبي إذ رأيت الذهب متوهجاً ً فيهما ورأيت مركباً ذهبياً يشع على بحر الظلام ... يُشدّ بمهد ٍ مذهّب مشرف ٍ على الغرق .
ورشقت قدميّ المصابتين بجنون الرقص بنظرة مسكرة مذيبة ضاحكة مستفهمة , وما قرعتْ يداك الصغيرتان ضربتين على دفك حتى تحفزت قدماي للوثوب وتنصتُ عقبَ كل منهما لأوزانك وأذنُ كل راقصة مفتوحة في عقب قدميه .
وَثبْتُ إليك * أيتها الحياة * ولكنك تراجعت عني
وتوليت .. فإذا بغدائر شعرك المتطاير تسمعني فحيح الأفاعي وتريني من ألسنتها نصالاً .
قفزت متراجعاً عنك وعن أفاعيك, فإذا بك متعالية تتحولين مقبلة علي وقد تدفقتْ بالشهوات عيناك, مشيرتين إلي بنظراتهما المنحرفة أن أتبعَ السبل الملتوية, وهكذا تعلمتْ قدماي المراوغة على منعرجات الطريق .
إني أخشاك قريبة وأحبك بعيدة *أيتها الحياة* فيجذبني إعراضك عني ويوقفني إقبالك نحوي, فأنا معذب بك وأي عذاب لا أتحمله من أجلك أنت المحرقة ببردك , الساحرة بكيدك, الجاذبة بإدبارك, المجبرة بسخريتك,
أيُّ إنسان لا يكرهك, أيتها الآسرة الغامرة الساحرة التي لا يفوتها مقصد تتجه إليه .
ومن لا يحبك وأنت البريئة الرعناء المسارعة إلى المعصية والإثم وفي عينيك لفتات الأطفال ؟؟!!!
إلى أين تقودينينني الآن أيتها الطفلة المهذبة الشاردة ؟
أراك تفرين من أمامي حلوة طائشة أيتها الجاحدة الفتية وها أنا ذا أتبعك راقصاً حتى إلى المآزق التي لا أعرف لها منفذاً .
أين أنت ؟
مُدّي إلي يدَكِ أوإصبعاً من كفك. فليس أمامي إلا مغاور ومضائق ..
قفي ... أفلا ترين البوم والوطاويط تتطاير حولنا ؟
مهلاً يا طير الظلام أفأنت ساخرٌ بي ؟ أين نحن الآن ؟ لقد تعلمتُ من الكلاب نباحَها فأراك تكشر عن أسنانك الصغيرة و تحدجني بنظراتك المتقدة من وراء لبدتك الصغيرة الجعداء .
أية رقصة تريد أن أرقص , جبلية أم بحرية ؟
أنا هو الصياد .. أفما يحلو لك أن تكون كلبي ؟ تُفَضّلُ أن تكون طريدتي ؟
أنت هذاالطيرُ *أيتها الحياة* فتعالي إلى جنبي الآن أيتها القفازة الشريرة. ارتفعي وسيري إلى الجهة الأخرى .....
ويلي لقد قفزت فوقعت, فانظري إلي طريحاً يتوسل إليك, أفما كان خيراً لي أن أتبعك على مسالك أجمل من هذا, من مسالك الحب بين الشجيرات الزاهية بعد يدألوانها أعلى شاطئ البحيرة حيث تتراقص الأسماك المذهبة
لقد أضناك التعب الآن وهنالك خرفان ترعى عند الغروب, أفلا يلذّ لك أن نرقد حيث تصدو شبابة الراعي ؟
إنني سأحملك إلى هناك فمدي معصميك إلي. لعلك عطشى ولقدأجد ماأروي به ظمأك ولكنّ.. شفتيك تتحولان عن كل شراب .
لقد انقلبتْ أفعى, هذه الساحرة الرشيقة الوثابة الزاحفة فلاأدري في أيّ الأوكار تغلغلت. بعد أن صفعت وجهي وأبقت عليه طابع يدها الحمراء.
لقد تعبت من رعايتك والسير وراءك, أيتها الساحرة. لقد أسمعتك أغاني حتى الآن فلسوف تسمعينني صراخك,
هياارقصي على نقرات سوطي ألهبك به, فإنني ما نسيت سوطي .
وسدت الحياة أذنيها وأجابتني قائلة :
( لا تقعقع بسوطك *يا زارا* فأنت تعلم أن الضجة تشل التفكير وقد بدأت تتوارد علي الخواطر, فماأنت وأنا إلا من زمرة المتكاسلين, لقد وجدنا جزيرتنا ومروجناالخضراء ماوراءالخير والشر, ما اكتشفها معنا أحدٌ لذلك وجب علينا أن يحبّ أحدنا الآخر. و هبْ أن حبنا لا يخرج من صميم القلب أفيحق لنا أن نتبادل من أجل هذاعاطفة النفور؟
أنت تعلم كثيراً ماأحبك وأتجاوز الحد في حبك وما ذلك إلا لغيرتي من حكمتك, فياويلاه من هذه الحكمة المجنونة الهرمة! ولكن إذا ماهجرتْك هذه الحكمة يوماً فلايطول الزمن حتى تهجرك محبتي أيضاً .. )
وأدارت الحياة أنظارها ماوراءها وماحولها وقالت :
( لستَ بالأمين الوفي يا زارا , فمحبتك أبعد من أن تصل إلى الحد الذي تصف بقولك, وأنا أعلم أنك تفكر في هجري عما قليل .
إنّ على المرتفع جرساً ضخماً قديماً يدق ساعات الظلام فيصل رنينه إلى أعماق غارك وعندما يؤذن بانتصاف الليل يخطر لك أن تغادر في مدى الساعة الأولى من الهزيع الثاني, إنني أعلم ذلك يازارا فأنت مصمم على هجراني )
فأجبت متردداً : أجلْ ولكنك تعرفين شيئاً آخر .. وتقدمتُ أسرّ في أذنها كلمة أخرى بين غدائر شعرها الذهبية المتطايرة ... فقالت :
( إذا أنت منْ تعرف هذا يازارا ! وليس من يعرفه سواك )
وتراشقنا اللحظات وعدنا نسرحها على المروج الخضراء وقد دغدغها نسيم المساء البليل وانخرطنا كلانا بالبكاء. وعندئذ شعرت
أن الحياة أعز علي من حكمتي .

هكذا تكلم زارا ....

كن على حذر أيها الإنسان

ماذا يقول نصف الليل في غوره ؟

لقد نمت ,,,, لقد نمت

ثم أفقت من حلم عميق

إن العالم عميق

فهو أعمق مما يعتقد النهار

وآلامه عميقة

وأعمقُ من أحزانه أفراحُهُ

تقول الآلام للعالم اِعْبُرْ وانقض

ولكن الأفراحَ تطلبُ الأبدية

تطلب الأبدية العميقة

1
أنا العراف الممتلئ بالروح المكاشفة الذاهب صعدا على السلسلة. المتعالية بين بحرين , السائر بين ما مضى وما سيأتي كغمامة كثيفة متملصة من جميع الأعماق الحانقة والمعادية لكل متعب ليس له أن يحيا وليس له أن يموت . 
أنا تلك الغمامة صدرها المظلم للمعات الأنوار المنقذة . المتمخضة بالبروق المثبتة الضاحكة مما تثبت,
أنا الغمامة الحاملة للصواعق الكاشفة ويا لسعد من تمخض بمثل هذه الصواعق ! ولكنه ملزم بأن يلتصق طويلاً بالذروة كما تلتصق الغمامة المثقلة ,إذ عليه أن يشعل يوماً انوار مستقبل الزمان .

كيف لا أحن إلى الأبدية وكيف لا أضطرم شوقاً إلى خاتم الزواج , إلى دائرة الدوائر حيث يصبح الانتهاء عودة إلى الابتداء .

إنني لم أجد حتى اليوم امرأة أريدها أمَّاً لأبنائي إلا المرأة التي أحبها لأنني أحبك أيتها الأبدية .

2 

إذا كنت تهجمت بغضبي على القبور فانتهكت حرمتها ونبذت قصياً معالم الحدود وألفيت ألواح الشرائع فحطمتها على مهاوي الأغوار .
وإذا كنت بسخريتي نثرت الكلمات المتداعية وهببت كالريح أكسح نسيج العناكب وأطهر مغاور الموت المتعفنة القديمة.
وإذا كنت جلست مرحاً مسروراًَ حيث دفنت آلهة الأزمان المنصرمة لأبارك العالم وأغمره بالحب قرب أنصاب من افتروا عليه ..فما ذلك إلا لأنني أتوق إلى رؤية المعابد ومدافن الآلهة عندما تخترق عين السماء الصافية قبابها المحطمة ,فاجلس على الركام المتهدمة كالعشب الأخضر والشقائق الحمراء .

فكيف لا أحن إلى الأبدية ولا أضطرم شوقا إلى خاتم الزواج, إلى دائرة الدوائر حيث يصبح الانتهاء عودة إلى الابتداء.

إنني لم أجد حتى اليوم امرأة أريدها أماً لأبنائي إلا المرأة التي أحبها لأنني أحبك أيتها الأبدية .
********

 - أنصح بالعودة للتغني بالأختام السبعة كلها.
هكذا تكلم زارادشت ل فرديرك نيتشه ..

الأحد، 20 نوفمبر 2011

Sex and the non Belonging اللا منتمي والجنس حسب ولسن

الجزء الثاني : Part II
- الممارسة الجنسية العمياء مع مجهول هوية وبصورة مفاجئة : روت امرأة - ليست حالة نادرة طبعاً - أنها دخلت الحمام ثملة في حفلة وانحنت لتتفقد أربطة الجورب والحذاء فإذ ْ برجل يدخل خلفها وهي بتلك الوضعية - وضعية الركوع - ولم تحرك ساكناً فما كان من الآخر إلا أن أنزل بنطاله وأدخل قضيبه في مهبلها - بمعنى مارس الجنس – ووصل القذف والرعشة وغادر دون أي كلمة ولا هي رأت غير حذاءه وسرواله المسحول فكانت تجربة اعتبرتها هي استثنائية جدًا ( مع أنها لم تفصح عما إذا انتشت أم لا ؟) كانت من النوع الشبقي الذي يتمتع بسرد المغامرات الجنسية  - تذكرْ... الأمثلة ليست عبثية ؟!!
- الأستاذ روكسروث ( Kenneth Rexroth ) الشاعر الأمريكي كان من أعضاء لجنة نفسية أحيلت إليها فتاة أوقفت بتهمة الدعارة – البغاء – وحين لم يثبت أنها أخذت شيئاً مقابل
خدماتها الجنسية أحيلت للجنة نفسية وسئلت عن سبب أفعالها مع أنها بدأت بذلك منذ ليلة

زواجها الأولى التي قضتها في فندق مع زوجها وكانت قد بلغت النشوة فعلاً فكان ردها أنها لنفس السبب أرادت تكرار التجربة مع رجال غرباء لتستعيد النشوة مرة تلو المرة – صنفت أنها شبقية وكفى !! يرجى التركيز على أن الرجال الذين مارست معهم كانوا غرباء. 

الإحساس اللاشخصي أو الغرابة أو ما يسميه فروم بالاغتراب نجده في تلك الأمثلة التي أوردها كولن ولسن كما يمكن أن نقرأ في رواية (الدكتور فاوست) ل توماس مان ( Doctor Faustus (Thomas Mann novel ) نجد أن أدريان ليفركون يتحدث عن مفارقة هامة جداً وجداً بقوله أن العلاقة بين المحبين تقوم على الغرابة وأن الدعوة إلى أن يكون الزوج والزوجة جسداً واحداً هو قول مضلل وغير دقيق لأنه سيعني انتهاء الغرابة ويقول أن شهوة جسد لجسد ليست مجرد شهوانية بل هي الحب كذلك لأن الجسد غير مؤذ مع نفسه فقط فإذا كان هناك جسد آخر على شاكلته فإنه لن يجد شيئا يفعله وأن انهيار هذه المقاومة في الاتحاد الجنسي هي ظاهرة ( تسميتها بالشهوانية مجرد كلمة فارغة )

ولاحظ أنه كلما ازداد هذا التمدن زادت الغرابة و الاغتراب حيث تزداد ما نسميها بالخصوصية حتى في الجسد فعندما نشرت رواية ( يوليسيس ( Ulysses ( novel ) لجيمس جويس ( James Joyce ) كان المقطع الذي تبصق فيه المسز بلوم قطعة كاتو في فم زوجها أثناء المداعبة الجنسية يثير اشمئزاز كثير من الناس . 
باختصار وكما يرى ولسون فإن الحضارة تدفعنا دفعاً للتكيف مع فكرة الجسد الغريب ( الآخر ) والجنس هو وسيلة لإبطال مفعول التكيف ,لذلك لا زلنا على الأقل في مجتمعاتنا الساذجة نجد أكثر المراهقين والأطفال يرون في الجنس نفوراً واشمئزازاً .. بالطبع آلية عمل النفس أقوى مما نعتقد لذلك تظهر التحويل والإسقاط والحصر و و اضطرابات شتى يتم التأقلم معها بشكل الافتتان بالجنس ولو كدافع خفي للتصوف والعفة الحمقاء التي تجر أذيالها لما بعد الزواج فعملية استعمال اللسان واسأل أي مراهق ( محافظ , عفيف يعني ) هي انتهاك لنقاء الإنسان وبرغبته في ألا يلمس وباشمئزازه من القذارة والجسد والغريب ولكن هل اللاشعور يقتنع بذلك ؟ طبعاً لا.بذلك يزداد الربط بين الجنس والخطيئة
(الزنى ) والخطيئة الأولى التي ستحرمك من تجاوز كل ذلك في عالم آخريسمونه الجنة؟
- اللاتمييز الجنسي ( Sexual non-discrimination ) عند الجنسين هو الإحساس اللا شخصي عند كل طرف تجاه الآخر وهو عائد للتعقد المدني أكثر منه أصالة بشرية . هي رد فعل لا أكثر بسبب اغتراب الشريكين أصلاً عن بعضهما سواء بسبب إدخال فكرة شاذ وغير شاذ في العلاقة الثنائية حتى أو للقوانين التي تفرضها المدنية والخصوصية .
- حين يصبح الحافز إلى اللاتميز الشخصي قوياً لنقطة اللاسيطرة عليه هو ما يسمى بالشبق أو فرط الرغبة الجنسية ( Hypersexuality ) يكاد يؤكد معظم علماء النفس أنه تعبير عن عجز وبرود عميقين يوصلان الإنسان لعدم الرضى العميق وعدم الإشباع وليس كمايبدو تمتعاً وتلذذاً مرة تلو الأخرى للوصول إلى المتعة العميقة من العملية الجنسية . يخلص ويلسون ( Colin wilson ) كما يبدو إلى فكرة أوردناه في البداية وهي ( الإحساس اللاشخصي ) ( الغرابة ) نقطة هامة في الوصول لحقيقة هذا الدافع المقدس .
- الحاجة لإيهام الشخص نفسه بحصانة الشخص الآخر ( تحقيقاً لمبدأ الغرابة الضروري وتقوم عليه الرغبات الجنسية ) تصل لدرجة التطرف وحالة تسمى بال – التهيج الذاتي – تختلف عن مارسة العادة السرية الاستمناء( Masturbation ) بل هي تأمل الشخص لجسده هو نفسه فيتيهيج جنسياً . (هناك شخصيات مقربة أعرفها جيدًا هي هكذا - طبعاً الشخصية هي المؤنثة وليس الشخص مؤنث ؟ ) 
لنكمل البحث مع المفكرين والأعمال الجنسية التي تصلح أن تكون مدخلاً للدراسة السيكولوجية وحسب علم النفس الوجودي في الجنس ( Sex ).
- حين تقرأ لهاريس وكازانوفا ( Giacomo Casanova )
وميلر( Henry Miller ) حسب ولسون ستجد المشترك بينهم كلهم هو ارتباط ال( دونجوانية ) بانهيار القيم ( دون جوان الاسم  من الدونجوانية يمكنك الاطلاع )
- رؤيتهم في كتاباتهم للحياة هي رؤية عدمية بل وأحياناً أشد عدمية من سارتر لولا الجنس الذي يلهمهم . وكالأطفال يلجؤون للخدع الصغيرة والكذب أحياناً للخروج من المأزق الوجودي واللامعنى والسأم  ... ترى في حياتهم أحداثاً وتكاد لا تذكر شخصيات معينة حتى التي صارت عشيقة كازانوفا فيما بعد وزوجته بعد حديث في حفلة للقمار كانت تركت ديراً للراهبات حديثاً .
( أخرج كازانوفا عضوه الذكري وأخذ بيدها ليمارس العادة السرية)
ولا يذكرها أبداً باسمها بل باسم العائلة يفترض أنها شخصية رئيسية ولكن كما قلنا ستتذكر أحداثاً لا أشخاصاً , بل أول تجربة جنسية له كان مع أختين في نفس الوقت حيث يفض بكارة إحداهن ويعمل على الثانية ؟! وتكررت حادثة الجمع بين أختين ثم يقيم حفلة ساخرة فيضاجع 3 فتيات مع تكتم مريب عليهن !! حيث لا يشرح شيئاً عنهن غير ما يمارس معهن وفيما بعد يصبح صاحب معمل فيضاجع أغلب النساء العاملات عنده بل حتى أنه لا يقف عند آخر حدث ويصفه عابراً – طبعاً حجة القائلين أن كازانوفا كان شاذاً ليست قوية مع أنه تبين شذوذه ولكنه وصف كل أنواع وأشكال الجنس في مذكراته - ( انظر اللا تمييز والتركيزعلى غرابة المثير مع أن الكثير من الباحثين حققوا في صدق قصص كازانوفا ) - هاريس أيضاً كان كذلك مع أنه لم تكن له حياة كازانوفا الاجتماعية ومجتمعاته وحياته الآخرى إضافة إلى الجنس بل يكاد لايرى فتاة بريئة إلا ويتخيلها في الفراش معه ولكن كلاهما لديه ما يخفيه في شخصيته وقد وصف برناردشو ( George Bernard Shaw) هاريس بأنه ( قرصان كثير التهويش ذو موهبة خطابية رابيليه - نسبة للساخر الفرنسي الشهير فرانسوا رابيليه - لكن الذي يقرأ سيرة هاريس الذاتية لا يمكنه أن يلحظ ذلك )
- بعد دراسات معمقة لشخصيتين مثلهما يتبين من حياتيهما أن الرجال الذين يعجزون عن إثبات شخصيتهم بين الرجال يفعلون ذلك بين النساء ( بمراجعة حياة كازانوفا تجد شعوره الدوني رغم تميزه وذكاءه وكفاءاته .. ولم يجد الطريق لإبراز موهبته لذا يكون أحد السبل هو اللجوء للغزوات الجنسية هنا يجدر الإشارة أن اللاتمييز الجنسي عند النساء هو نوع من التمرد المعكوس والمعوج عن دافع محطم للذات أو عن حاجة لتحدي المجتمع بإشارة بذيئة . بينما عند الرجال فهو أوضح ويعبر عن التطلع الإرادي المباشر إلى القوة التي لا تعتبر دليلاً على القوة فالدون جوانية تعبر عن فقدان الإيمان الأساسي بالنفس ...


- الدون جوانية لدى الإنسان ذوي المواهب الأصيلة هي موجودة في مرحلة مبكرة من حياة الإنسان وتضمحل لتحل محلها دوافع إنتاج أكثر جدية .
- بشكل أدق هناك توازن بين الموهبة والثقة بالنفس . أي هناك أناس موهوبون ويمتلكون بنفس الوقت درجة من الحيوية لإعطاء معنىً للوجود والحياة . مثلاً وفي حيز الدراسة لدينا بيتهوفن شكسبير و برناردشو أمثلة أدبية وإبداعية عن ذلك التوازن
- حالة هاريس وكازانوفا هما أمثلة في الطرف الآخر بينما المثال الصارخ على الموهبة الرائعة وفقدان الثقة نجدها في د. ه. لورنس ( D. H. Lawrence ) الذي وصل به لحد العجز وكمثال آخر كانت كتابات ميلر( Henry Miller ) لا تقل متعة ومناسبة لهذه الفرضية سواء في أعماله الأولى أو في سيرته الذاتية في رواية مدار الجدي ( Tropic of Capricorn ) والصلب الوردي ( Solid pink ) وإن كانت المشكلة هي أنه لا ينظر هو نفسه بجدية لنفسه واختار طريق كتابات رخيصة وتصنف من كتابات عن الدعارة المكشوفة ولكن النقاد أجمعوا على أن 75% من كتاباته عميقة ووجدانية مع مقدرة لغوية تكاد توازي كتابات لورنس فهو ناقد ومحلل حين يكتب عن كتابات رامبو ( شاعر لم يخلو من الصوفية وليس رامبو الذي قد يخطر بالبال ؟؟)  مثلاً ويتناول قضايا الناس وهمومهم كما كان دوستيوفسكي يفعل ويبدو عليه التدين ولكن حين تقرأ:
(...  كان التاكسي يهتز و يتمايل وكانت أسناننا تصطك وتعض على لسان الآخر بينما كان السائل يطفح منها كالحساء الساخن ...) 
( بلغت ذروة النشوة مرتين أو ثلاثاً,  ثم ارتمت منهوكة إلى الوراء, وابتسمت بوهن كظبية في كمين )
وتقرأ مقاطعاً تعج بالألفظ الداعرة والمواقف التي لم تكن لتنشر في وقت من الأوقات حينها.. كما تقرأ الوصف الدقيق للممارسة الجنسية بين النساء أو يتجاوز ما يسمى الأعراف الأخلاقية .. فزوجته مريضة وتأتي الجارة فتطل عليها بينما هو من خلفها يدخل عضوه في فرجها وبمشهد مثير في رواية الصلب الوردي طبعاً . فماذا يمكن أن نستنتج ؟
- حين لا يأتيه إلهامٌ من الجنس والناس ..ستجد كتاباته خانقة وعدمية مشحونة بالتعب والإحساس بالهزيمة أكثر من جويس ( جيمس جويس ) وسارتر نفسه مثلاً مؤلفه ( كابوس مكيف الهواء, Air-Conditioned Nightmare ) هو تهجم بلا معنى على أمريكا ومليء بالسأم والمرارة بل وتخلو من مزايا كتاباته الجيدة .

- المغزى أنه كسابقيه ..بوجود رابط بين الدونجوانية وانهيار القيم( The collapse of values ) - ( حتى في بلداننا وهذا سبب ضجيج اعتقاد المسلمين أن الخلاص هو في الحلم الإسلامي بحيث ينقلوننا من انهيار في القيم إلى قيم خاطئة تنهار يومياً - دون أن يقرؤا التاريخ إلا كما يشاؤون - على الأقل على مستوى الممارسة والسلوك في مجتمعاتنا )
- أما العلاقة بين انهيار القيم واللا منتمي فهو ليس عصياً على الإدراك وقد تناولته جزئياً في مقالة الحرية و اللامنتمي وسنوضحه أكثر مع التعمق أكثر في الدافع الجنسي .
- رؤية الذين تحدثنا عنهم هي رؤية تشاؤمية و عدمية يتم التحايل والتعويض بأشكال من الحيوية كالخداع والشهوانية ونقاط أخرى هي تصورهم الخاص للحل لمشكلة إنساننا الذي يعاني حتى لو لم يدرك وكل يتحايل لا أكثر.
- رؤية أولئك الفلاسفة والكتاب والفنانين هي ( صخب واحتجاج وغضب بدون إعطاء الحل )
- ذلك الغضب و الاحتجاج الذي يتجلى عند المراهقين ... عند المتأزمين ..و و عند الكثير من الشرائح العمرية أو الاجتماعية و و و و
- أي أنه يجب توقع الملل والسأم واللامعنى إلا إذا وجدت تسليات كما يصف ولسون و كأنهم ثعلب في مزرعة دجاج !! 
- الأهم أنهم أناس مفعمون بالحياة... والخدع التي يلجأ إليها أولئك هي ما تحول دونهم والتحول لمجرمين – طبعاً تناول المخدرات ليست جريمة بهذا العرف ولكنه خطأ وحيلة يمارسها المتعاطون في ظروف ضياع الهدف أو الكحول للمدمنين بشدة –
- لكن العدمية الخلقية هي أصل الإجرام أي يعطيك استعداداً لما يسمى بالإجرام – كما نصف في الوراثة بأنه هناك أمراض تنتقل وراثياً بوضوح عبر الأجيال - الناعور مثلاً - وهناك أمراض تعطي الوراثة تربة مناسبة لظهورها بحيث يصبح هذا الشخص أكثر تعرضاً للإصابة بذلك المرض - الصرع مثلا - حيث يظهرالمرض بتداخل عوامل مكتسبة . 
- ولو كان كازانوفا لديه شهوات وحشية أو عنفية كما لدى كورتن مثلاً لما تورع عن إشباعها فتلك هي الحياة - لا معنى لها ..استسلمْ - والتحايل الذي مارسه هو استسلام لتلك الحقيقة ضمنياً هرباً من الموت سواء عضوياً أو نفسياً ووجدانياً وباختصار وجودياً كما نجد في الرواية المضافة لكازانوفا آرثر شنيتزلر ( عودة كازانوفا إلى الوطن Casanova's homecoming ) حيث يبدو مسناً وقبيحاً وخائبًا بل يكاد يصبح مخبرًا للشرطة
– في الواقع فعلا عاد كازاناوفا إلى البندقية واشياً ومات في دوكس في بولندة كأمين مكتبة يكتب يومياته ويتحسر على عصر الفروسية والجيل التالي ما كان يراه إلا كهلاً غريبًا
– هاريس أيضا مات في جنوب فرنسا مغموراً وفقيرًا وكلاهما كان يستمد بقاءه من مذكراته الدون جوانية كتعويض نفسي حتى في مراحل الحياة الأخيرة .

- سننتقل إلى فكرة أعمق لنكشف جانباً آخر من الجنس عبر تجلياته وأمثلة تختصر آلاف الأمثلة المشابهة قبل الربط بين الأفكار الرئيسة الواردة حتى الآن مستفيدين من التنوع ابتداء من نظرة دوستيوفسكي والأديان انتهاء بأبعد أشكال التطرف في الجنس أوما نسميه شذوذاً عن الطبيعي مع أن البعد ليس واضحاً كثيرًا حتى الآن . ولسنا ننسى أننا كائنات أخلاقية في النهاية بينما العدمية الخلقية تتسبب بمشاكل نحن في غنى عنها ..
- ليست دعوة للإلتزام بقدر ما هو تحليل حسب النظرة الوجودية التي نرتقي بها من كيركجورد Kierkegaard وسارترSartre  إلى نيتشه Nietzsche وكازنتزاكس Kazantzakis وصولاً إلى الوجودية الجديدة The new Existentialism و كولن ولسون Colin Wilson .

-هناك فكرة أخرى يتناولها ولسون ولكنه بحاجة لمراجعة وتحقيق لذلك سأتحاشى الخوض فيها حالياً فقط , وهي الربط بين الجنس والنيتشوية .
ملاحظة لها علاقة بالمقالة التالية - الجنس الجماعي أي أكثر من اثنين أجد تعبيره في الممارسة أمام المرآة فقد وردت تقارير وتصاريح لا حد لها عن تمتع الطرف المراقب بحيث يرى جمالاً مطلقاً في المرأة والرجل اللذين يمارسان الجنس أكثر كما أنها من أشكال الإثارة عنده وعندهم ؟

السبت، 19 نوفمبر 2011

يا ثائرة العينين


كانت الأرض تئنّ
وهْيَ تخطو 

نسي الرب أنها تخطو بحسبان
فلا شمسٌ ولا قمرْ
ولا هراءُهُ المبينْ

عينا صديقتي ومشيها من الأسرار معجزان 
لم أرها آلهة ًأو مهرةً 
رأيتها هيَ .. الإنسان
أتعبتني ..كم جميلٌ أنتَ ياإنسانُ
وكم ناديتها :
يا ثائرة العينين
أزجُّ كأني في عنق المصباح ِ
ولستُ دخاناً
حين تصرين الإحراج بعينيكِ
أنا طفلٌ لبقٌ مسكين
تربطني النظراتُ كما لا يفعل أمرُ النائم في ذاته
ترتجّ أناملُ عمري
            فكري 
يرتجف الجَلَدُ الباقي
تتولاني ظلماتُ الغابة ِ ..والأطفالُ معكْ
                       بالكعكة تحتفلين ..
                       بأشجار الميلاد
تعلوها الألوانُ الأنجمُ في كوخ ٍ حالم ْ
وأنا طفلٌ ما أحببت الغربةَ
آه ٍ.. يا ثائرة العينين ..
في دوامات الحيرة تحزن خطواتكْ
غضباً...عنفاً... تتحدين
يحيط بك الآتي...الماضي .. تبكين
في زاوية الكهان 
سيدفنك الزمن العاهر
في رهبنة ٍ
     قلق ٍ
في عزلةِ أيّام ٍ
كجليد ِالقلب ِ
إذا ذابَ...انتحرتْ
             أعصابك ِ
             أحلامكْ

القلبُ يدق ُّويرغبُ في ثورةْ
لكنّ الثقة َ انتثرتْ
في خطوتك ِالمتشنجة ِالحذرة ْ 

يا تلك المرأةُ
تخفيك الأبوابُ وكم أرجوها تنزاح
ف عينا غيماتي
تودُّ تعانقُ ظلك ِ
(أجبرُ تيارات الرغبة
تركض في ساقيها
تخدرُ تهربُ تغضبُ أو تشتم ذاك الغائب )
وكثيراً ما لبّيْت ِ
ولكنْ يرعبني إصرارك ِ
بل أنت الرعب إذا ما دار دمكْ
                        في خديك ِ 
كأنك تستجدين العذرَ
لتلعني أوهامي
مع أني لا أرنو إلا خطواتك ِ
                     أو قلبكْ
أ ُخْبِرُني ألا تُزح الأسْدَالَ
فألقاها في عيني صورتها
آمرُنِي لا تخرجْ..لا تخرجْ
إذْ بي أتأملّ شرفتها

يا شاحبة الأيام ِ 
          القلبِ ِ
            الثغرِ ِ
أودّالأُنْسَ ببعض ِإباءك
أحسسته قد ينهار ْ

وقفتْ نظرتْ تنبيهاً( لا تفعلْها وخطتْ)
واختارتْ
ألاّ تتنازلَ عن جبروتهاوهْي
تدقُّ الأرضَ
وتهزأ من سرِّ الإنسان 
وسرِّ وجودهْ
وهْي الأرضُ.. وأقسى..أحلى أرضاً

تتمنى أعماقي
لو تضمر بسمة 
فعلتْها حين انشغلتْ بالطفل تلاعبهُ
هل تقتلك الوحدةْ؟
ما لك لا تبكين ؟
الله سيهجر عمره إن عانى العزلة..
كانتْ آلامُ الحلوة ِفي مشيتها
                 عينيها
يا ثائرة العينين اشتقت إليك
           وإعجاز الخطوات وعينيك
           وأهلاس ِالليل
في قدح الفجر السكران






- مناجاة من الذاكرة 2001 إلى أسمهان ...

الخميس، 17 نوفمبر 2011

The sexual motive الدافع الجنسي حسب كولن ولسن

الجزء الأول Part I
في حال قبولنا انفصالاً بين الإنسان والطبيعة – هذاما نفعله بداهة غالباً بسبب التربية الاجتماعية التي يتدخل فيها الدين في مجتمعاتنا– لدرجة التطرف بحيث يكون الإنسان جزءً منها ومتطفلاً مطروداً من السماء وليدَ خطيئة وفي نفس الوقت نسمو بالطبيعة لتشبه كلي الوجودوالقدرة– كتصورنا للإنسان كعبد والإله كما هو؟ فسنجد تباينات واضحة واختلافات هائلة في الرؤى- visions - حتى في موضوع الجنس الذي سنتحدث عنه ؟
فالأديان كما الطبيعة تفترض غاية الجنس هي التناسل مع هوامش دينية أوسع كمتعة
بينما الإنسان يرغب في أكبر كسب من الاستمتاع والنشوة – كَمَثَل ذلك الطعام إذْ تقضي الطبيعة أن تتناول ما يحافظ على وجودك ولكن الإنسان قلما يكتفي لوأتيحت له الظروف كما العصر المتمدن الحديث – هذه الهوة بين غاية الطبيعة أو الإله هي سبب وجود هامش الانحرافات الشاسعة في الدافع الجنسي كتجليات ولكن ما هو الطبيعي وغير الطبيعي في موضوع الدافع الجنسي فذلك سيقودنا إلى أصوله وحقيقته فاصبر ولا تتعجل
سنأخذ أمثلة متنوعة ونبدأ بتولستوي  Leo Tolstoy :
في روايته سوناتا كرويتزر - The Kreutzer Sonata - يخلص تولستوي أن الجنس هو لإنجاب الأطفال فقط وكل ممارسة حتى بين الزوجين بقصد المتعة الخالصة هي عمل غير طبيعي مماثلاً رأي الكنيسة الكاثوليكية متجاوزا تعاليم بولس الرسول هذا هو الرأي الديني لأن ميول الإنسان ليس لها دور في تحديد الطبيعي من غير الطبيعي ويجب الانصياع لرأي أعلى - السماء , الله وحتى الآن لا زال المساكين من المسلمين يسألون عن لعق ولحس ومص الإير والكس ليقرروا هل هذا طبيعي أم لا ؟!  طبعاً هذه تسميات وأسماء أصيلة وفصيحة وليست عامية راجع أسماء الأعضاء الذكرية والأنثوية لئلا تنزعجوا من هذه المصطلحات - المهم حين شاركت زوجة بود سينشيف – قاتل الزوجة – شاباً أرستقراطيًا في عزف السوناتا التاسعة للبيانو و الكمان وجدَ الزوج ذلك عذرا لإقامة علاقة تؤدي للخيانة لأن الجنس باعتقاده تعقد وشاع بسبب الفراغ وانطلاق الخيال لأن العاديين لا وقت لديهم حتى في ممارسة الجنس بين الأزواج للإنشغال بالأولاد والحمل ومتاعب الحياة اليومية والزوجية وتعب الرجل من العمل وبالتالي فتلك هي الحالة الطبيعية وما شاع حين صار لدى الإنسان فراغ كبير ولا عمل هو باعث لما لا يجب أن يكون ؟! الكثير من الناس لن يتفقوا مع تلك الرؤية مع أن الكثيرين سيلجؤون لهذه الحجة لضبط التحرر الجنسي مع أن الكثيرين لا زالوا يعرفون الجنس بأنه ( نشاط يؤدي إلى عملية التناسل ..) فقرآن المسلمين جعل المال أولا كزينة في الحياة الدنيا ثم البنين ولم يذكر الدافع الجنسي كشيء أصيل بل كملحق لإنجاب الزينة - البنون - السلوكيات ليست كذلك طبعا بل لم يكن لهم غاية إلا المتعة واللذة كزينة ؟ - طبعاًهذا الرأي متناقض بشدة فهو يعطيك فكرة عن الطبيعي وغير الطبيعي في الجنس , مثلاً وضمنًا يقول أنه إذا تعمد الرجل القذف خارج المهبل أو استعمل مانعًا للحمل فهو شذوذ عن الطبيعي ولكن ماذا إذا كان الرجل يضرب زوجته بجنون للتهيج مع أن الممارسة ستؤدي للتناسل حيث يقذف في المهبل ابتغاء الولد ؟ باختصار النقد الرئيس هو أنه يسيء للمنطق السليم بجعل الغاية وليس الوسيلة هي معيار الشذوذ – غير الطبيعي – والشذوذ - اللاطبيعي -
جيد و كوريدون : (Corydon (Gide  :
 كان لواطيًا صريحًا وله كتاب من أربعة حوارات بين قاصٍّ بميول عادية وبين صديقه المنحرف جنسياً , اعتبر جيد أن ذلك أهم أعماله واعتبره الكثيرون مجرد دفاع عن أهواءه ولكنه في الحقيقة يبحث عن تفسير فلسفي عميق للشذوذ فهو لا يتناول الشذوذ كشيء طبيعي أو يستوجب الرفض والزجر .
هو يجمع مابين الرغبة الذكرية الأصيلة كشيء ذاتي عقلي وليس مجرد رغبة عمياء ينصاع لرائحة الأنثى كما في الحيوانات ومن هنا يأتي التنوع الهائل في مواضيع الإثارة الجنسية لأن المرأة العارية هي موضوع تحريك الرجل عموماً ولكن هل هذا صحيح دومًا ؟ هناك من يتهيج مع امرأة بثيابها الداخلية وهناك من يفضل ولو- لاشعورياً-  امرأةً متوسطة العمر ذات مظهر أمومي أو ذات شعر منسدل من الخلف فهل كل ذلك شذوذ ؟ لا بل هو تنوع واسع لما نسميه بالذوق وهو في حقيقته يعود لتطور مكتسب عبر المراحل العمرية كلها.
هنا تتدخل نظرة البعض القائلة بأن الرغبة الجنسية غير مميزة – أي هي مجرد حاجة إلى إثارة العضو التناسلي لا أكثر – حاجة كسد الجوع والعطش و و و- في السنين المبكرة من العمر يرتبط إثارة العضو التناسلي واستمتاعه بشيء ما – صورة في الذاكرة بدمية بلباس.. وقد يكون العضو التناسلي نفسه لطفل آخر – أي ارتباط عرضي وتلازم يتحول لسببية. 
لذلك يؤكد جيد أن الميول نحو الرجال أو الذكور من ذلك الباب من الارتباط كما هو تنوع المواضيع الجنسية من الرغبة في الممارسة في الظلام إلى تأمل الممارسة عبر المرآة. أحياناً كثيرة يسري شيء كالتيار الكهربائي لمجرد الاحتكاك باي شيء ؟
كل ما سبق يدل على شيء واحد مؤكد على الأقل وهو أن الدافع الجنسي يعمل في مستويات عميقة جداً وهو معقد أكثر مما نتخيل فكيف ولما نتسرع بالحكم القيمي عليه بتلك البساطة - أي إيجابي وسلبي . أخلاقي وغير أخلاقي .طبيعي وغير طبيعي - 
القوة الفعلية لهذا الدافع قادر على اكتساح كوابح الوعي كلها لدرجة أن ظهوره قد يكون في أقصى حالات الإجهاد وبشكل مفاجئ ولو بصور غير معقولة – قد توصف – كما يفعل كلب وهو يمتطي أي شيء ليحصل على الإثارة والرعشة التي لا علاقة لها حينها بالتناسل أو الفئران الذكرية التي كنا نخضعها لبعض المركبات والأدوية فتركب فئرانًا ذكرية مثلها ؟
- يمكن تأكيد مايلي عبر أندريه جيد وكولن ولسون :
- الجنس له مظهر فيزيولوجي صريح حيث توق الأعضاء التناسلية إلى الوصول للنشوة الجنسية ومن ثم القذف .
- العامل الموحد والموجه للدافع الجنسي عند الإنسان هو عامل عقلي أو تصوري محض مع أنه يرتبط وبقوة عادة مع انفعالات شهوانية جسدية –
- الغريزة الجنسية من دون كل الغرائز الأخرى هي تتخطى إدراك الإنسان الواعي لنفسه وأهدافه ومطالبه.
فرويد
Sigmund Freud
فرويد وتأثيره الزلزالي معروف ربما لدى الجميع فقد تحدثوا كثيرا عن الليبدو التي خصها فرويد ككل شامل تقريبا إضافة لتقسيماته المعروفة للنفس وإلى ما هنالك 
جورج كوردييف :
هذا الفيلسوف واحد حاول وضع تصور شامل للجنس في موقعه الطبيعي مع التنبيه إلى أن جورج جورديف لم يضع نظاماً فلسفيًا وفقط ..بل حاول خلق ديانة جديدة بشعائر وطقوس ونصوص ميثيولوجية لتكون جزءاً من نظامه - غير العلمي حينها- ويمكن اختصار رؤيته بوجود سبع مراكز تحكم في الإنسان وهي مركز غريزي وعقلي وعاطفي وحركي وجنسي ومركزان علويان – من أعلى – وكل مركز طاقته مختلفة عن الآخر وأن البشر يخلطون بينها واستعمالاتها ,مثلا يستعملون طاقة العاطفة لتسيير العقل وطاقة الغريزة لتسيير العواطف وطاقة العمل أو العاطفة لتسيير المركز الجنسي ... الخ
وأن كل المراكز تعمد إلى اختلاس الطاقة من المركز الجنسي وتستخدمها لأغراضها الخاصة فيضطر المركز الجنسي لاستعمال طاقة العاطفة أو العقل .. المهم من تلك السطور التوضيحية هي كلمة لجوردييف قال فيها :( إنه لشيء عظيم أن يعمل المركز الجنسي بطاقته الخاصة ) .
ويمكن استعمال فرضيته في النقد.. فمن يقرأ مذكرات كازانوفا
Giacomo Casanova
سيشعر تماماً أن دوافعه ليست جنسية صرفة فهو يظهر مغروراً وضعيفًا وبالتالي ليس المركز الجنسي وحده هو من يدفعه لغواياته الشهيرة جداً بل هناك حب النفوذ والسيطرة لإقناع نفسه بأهميته الشخصية وهذا ليس إلا تابع للمركز الاجتماعي وبالتالي فالمركز الجنسي يستعمل عنده طاقة َ المركز الاجتماعي كما في رواية ( عشيق الليدي شاترلي ) إذْ من الواضح أن لورنس كتبها بسبب إحساسه بالنقص الاجتماعي حيث يتمثل نفسه في مكان الحارس الذي يضاجع سيدة أرستقراطية ( الليدي ) وهي مشاعر ليست اجتماعية بل عاطفية والأسوأ أنها عاطفية بطريقة سلبية ( حسب رأي جوردييف العواطف السلبية – الخوف الاشمئزاز الكراهية -  لا نفع لها وهي نفايات الجهاز الإنساني ) بالتالي فأيضاً الدافع الجنسي ليس خالصاً في الرواية تلك .
بينما هناك أمثلة على الدافع الجنسي الصرف نجده في كتابات الدوس هكسلي
Aldous Huxley كرواية antic hay ( أنتيك هاي ) نجد موقفاً بين جمبريل الذي كان على علاقة بريئة بفتاة يحبها (إميلي) بعد حفل موسيقي أحسّا بنشوة تطهرانهما فاقتادها إلى الفراش ثم يصف هكسلي بشكل غنائي شبه غيبي للعاطفة الجنسية بشكل ساحر ورائع حيث ينامان دون ممارسة الجنس ولكن في شهوة جنسية هائلة شلتهما.
- هناك موقف آخر بشكل مغاير في رواية Point Counter Point : ( دنا مني وهو يصر على أسنانه كأنه يهم بأن يقتلني أغمضت عيني كشهيد مسيحي يواجه الأسود الجائعة غريب أن يترك الإنسان نفسه عرضة للألم والإذلال لأن يصبح ممسحة للأرجل لقد أعجبني ذلك .. ترى أين شاهدت تمثالا لمارسياس وهم يسلخون جلده؟ كان وجهه شبيها بذلك , حتى أنني غرزت أظافري في ذراعه حتى نفر الدم منها ..)
- موقف ثالث في رواية العبقري والآلهة Genius and the gods ولكنه موقف كلامي لا حركي وتم الجماع خلافاً لما في أنتيك هاي ولكن دون الصخب في المثال السابق 
- في المثال الأول وكما صرح هكسلي في ملحق أدونيس والأبجدية ( Adonis and the Alphabet ) تقبله لفكرة الكاريتزا التي هي حل قدمته جماعة مشاعية الجنس - طائفة الأونيدا Oneida Community وكان الهدف هو جعل الدافع الجنسي صرفاً بالتركيز عليه والمداعبة لدرجة التوتر دون قذف وأنه إذا حدث إيلاج وإدخال فسيتم القذف دون إتيان أي حركة أو عمل خيال أو تدخل عاطفة أخرى ودوافع وطاقات مراكز أخرى ؟ 
- بعد هذا العرض الموجز يمكن الاستنتاج أن جوردييف يناقض جيد بالفعل ويقول بوجود شيء اسمه ( الجنس الطبيعي ) وذلك حين يعمل المركز الجنسي بطاقته الخاصة ويمكن تفسير نظرة جيد بأنه خلط للجنس بأشياء أخرى غير جنسية في حقيقتها وأعماقها حين يعمل الجنس بحقيقة مركزه وطاقته فإن اللاتمايز الذي تحدث عنه جيد سوف يختفي لأن المرأة والرجل يصبحان بالنسبة لبعضهما تجسيمًا حياً لمبدأ التحام الذكر بالأنثى ولا يمكن لأي شريك أن يقدم أكثر من ذلك .
- و لكن ما علاقة الدافع الجنسي بالطبيعة البشرية ؟
النشاطات الأساسية للكائنات الحية هو تصريف أشكال مختلفة من التوتر وهذا التصريف يؤدي إلى توسيع الوعي مؤقتاً . وهذا ما سنبحثه في المقالات التالية للوصول إلى حقيقة الدافع الجنسي ودوره في حياة الانسان كأحد السبل التي يستعملها الانسان لتعويض التوق الخفي لما هو خفي من قوى الإنسان الخارقة الخفية لدرجة أن صوت عابد عازاريه – الموسيقي السوري الشهير – لا زال يردد نصاً من الأساطير السومرية في وصف التوق الجنسي العظيم .. حيث ضاجعها سبعة أيام وليال ؟؟!   The Epic of Gilgamesh

Twelver Shiites الإمامة ) الشيعة الاثني عشرية)



الإمامة عند الشيعة الإثني عشرية: دراسة نقدية .

أحاول في هذه الدراسة إيجاز نشأة وتطور فكرة الإمامة عند مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية ووضعها في إطارها التأريخي بعيدا عن دوغما العقيدة الإثني عشرية.
تؤمن الشيعة بالإمامة، وهي "القيادة السياسية الدينية"(1)، ويرى جمهور الإمامية الإثني عشرية أن منكر الإمامة خارج عن الدين وهو كافر حقيقة ، ومحروم من النجاة والسعادة يوم القيامة، وإلى ذلك ذهب الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والشيخ الطوسي ونور الله التستري والبحراني صاحب الحدائق ومحمد حسن المظفر وباقر النجفي والمرعشي النجفي وغيرهم كثير، وخالف في ذلك البعض فرأى أنها من اصول المذهب لا من اصول الدين منهم كاشف الغطاء والإمام الخميني والشهيد مطهري والسيد الطباطبائي(2).
فكيف تطورت فكرة الإمامة تأريخيا حتى وصلت إلى العقيدة التي تتطلب الايمان بإثني

عشر إماما؟، وما هي أهم الإشكاليات في معتقد الإمامة عند الشيعة الإثني عشرية؟، هذا ما تحاول هذه الدراسة إيجازه. 
بداية كان للأئمة نواب في الأماكن التي يوجد فيها الشيعة يهتمون بأمرهم ويجبون الأموال منهم وهو ما تحصل النزاعات بينهم بسببه عادة حتى أن بعضهم كان يزعم الغيبة للإمام بعد موته تهربا من دفع الأموال التي جمعها لمن تصدى للإمامة بعده. وكان الشيعة يعملون بسرية تامة خوفا من مراقبة الحكومات، ويتفق المؤرخ د. جواد علي مع شتروتمان أنه لم يكن هنالك أئمة حقيقيين بل كانت السلطة المطلقة بيد الوكلاء، ويرى جواد علي أن اختلاف وتضارب روايات أتباع الوكلاء وأصدقاء الإمام يرجع إلى تلك النزاعات مما أورث التعارض في جميع تراجم الشخصيات الشيعية المهمة، كما يذكر أن الأئمة لم يقوموا بعد الحسين بالعمل السياسي وقد بايعوا الخليفة وأن جميع الأئمة بعد جعفر الصادق قد ابتعدوا عن السياسة وعن الناس باستثناء علي الرضا الذي لم يطلب ذلك بل اختاره المأمون خليفة له.(1)
ومهما يكن هنالك من إشكالات في فرضية وجود الإمام ومعرفته وعملية التواصل معه فإن الشيعة يؤمنون بوجوب معرفة الإمام وطاعته وأنه يكون من نسل علي بن أبي طالب وفاطمة ابنة نبي الإسلام اعتمادا على نصوص مروية عن نبي الإسلام منها "تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي" وحديث "أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي من بعدي" وحديث "من كنت مولاه فهذا علي مولاه...." ولهذا الحديث زيادة عند الشيعة غير معتمدة عند أهل السنة، وتبحث الإمامية دوما عن الإمام المعصوم في نسل الحسين والذي يعرف عند الإمامية بالنص عليه، وتعتمد الشيعة الإمامية في إثبات العصمة بصورة أساسية على ما يعتبره متكلموهم "أدلة عقلية" لا حاجة للاطالة في الحديث عنها فالواقع يبطلها كما سيأتي، وهم بتلك "الأدلة" علاوة على النصوص الموجبة للتمسك بعترة نبي الاسلام يردون دعوى أهل السنة وغيرهم ممن قال بالخلافة وأنهم يقوّمون الخليفة إن لم يطع الله والرسول معتمدين في فهمهم للدين على تفاسيرهم المختلفة لنصوص القرآن والسنة واختراعاتهم المتمثلة باصول الفقه وما يدعى بعلم الحديث والتي هي بدورها غير معصومة أيضا ومبنية على الظن الذي أجازوه بذرائع واهية كما بينا بعضها في موضوع بين شعار الإسلام هو الحل وحقيقة الإسلام السـّنـّي، وهذه الاختراعات لم تكن موجودة عند الشيعة الإمامية في فترتهم المبكرة فقد استغنوا عنها حسب اعتقادهم بالإمام المعصوم الذي يغنيهم عن تلك الوسائل، لكنهم سيضطرون إلى اللجوء إليها لاحقا بعد فترة من موت الحسن العسكري دون ولد أو غياب ابنه حسب اعتقادهم وكما سيأتي.
يظهر من تتبع معتقدات فرق الشيعة في الفترة المبكرة أن النص على اثني عشر إماما لم يكن له ذكرا عندهم مما يوحي أنه لم يُروَ أو لم يَثبـُت عن أئمتهم في تلك الفترة رغم أننا نجد نصا مقاربا في حديث أهل السنة لا سيما لفظ البخاري للنص المروي عن نبي الإسلام وهو "سيأتي بعدي إثنا عشر أميرا ..... كلهم من قريش" (في لفظ رواية مسلم "اثنا عشر خليفة") (3)، ويظهر أن الفكرة تقليد للنقباء الإثني عشر لبني إسرائيل الذين أشار إليهم القرآن على سبيل المثال في قوله "ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا" (المائدة / 12)، أو لحواريي المسيح الاثني عشر، لكن أهل السنة لم يجرؤوا على الإعتراف بأنه تقليد مقتبس بشكل يكاد يكون حرفيا من اليهودية أو المسيحية ووجد طريقه إلى أصح كتابين عندهم بعد القرآن مع كل الإحتفاء به من قِبَل الشيعة الإثني عشرية رغم أن الأخيرين لم يستخدموه في تأريخهم المبكر كما سيأتي بيانه ولم يلجأوا إليه إلا لقدرته على حل إشكال موت إمامهم الحادي عشر دون ولد، مع حل مشكلة تطابق العدد باختراع شخصية الإمام الثاني عشر وغيبته.
ويظهر اختلاف الشيعة الإمامية بعد موت الإمام عادة في كتب الفرق ومنها كتاب "فرق الشيعة" للشيعي الإمامي الحسن بن موسى النوبختي (الذي توفي بين 300-310 هـ حسب جواد علي)، وبمطالعته نجده يؤيد ما يذهب إليه الباحث أحمد الكاتب من أن الشيعة الإمامية كانوا يتحدثون في القرن الثاني والثالث الهجري عن استمرار الامامة الى يوم القيامة وعدم تحديد عدد الائمة برقم معين (3)، مما يبين أن تحديد عدد الأئمة باثني عشر قد تم اختراعه مؤخرا عند الإمامية ووُضِعت الأخبار في ذلك عندهم، وهذا لا يعني أن فكرة القائم المهدي لم تكن قد دخلت إلى الاسلام قبل ذلك لكن العدد "اثني عشر" لم يكن له ذكر بل كان المعتبر أن الإمام ينص على الذي بعده حتى إن الشيخ الصدوق يبني اعتقاده بصحة روايات الإمامية التي نصت على اثني عشر إماما على تأييد روايات أهل السنة لها(3).
أما عن الكتب التي ذكرت روايات توصية الإمام لشخوص السفراء لتولي تلك المهمة فيعترف رجل الدين الشيعي كاشف الغطاء أنها من أخبار الآحاد لكنه يزعم أنها "أمينة بحيث يمكن إقامة رأي علمي عليها دون حرج" لكن جواد علي يشير إلى أن هنالك روايات متناقضة في تلك الكتب حول هذا الأمر منها ما يذكر أن أم الإمام الحادي عشر هي النائب عن الإمام الثاني عشر. (1)
وقد تعرض المعتقد الشيعي الإمامي لمصاعب كثيرة عبر التأريخ فمثلا يذكر النوبختي أن أبا عبد الله جعفر بن محمد قد أوصى لابنه اسماعيل بالإمامة فمات إسماعيل في حياته فارتدت جماعة من أصحابه وقالوا عن جعفر "كذبنا ولم يكن إماما لأن الامام لا يكذب ولا يقول ما لا يكون"، ورووا أنه قال مبررا موت إسماعيل رغم تسميته له إماما "إن الله بدا له في أمر إسماعيل" فرفض بعض أصحاب أبي جعفر محمد بن علي القول بالبداء ومالوا إلى مقالة سليمان بن جرير الذي أشار لأصحابه إلى أن أئمة الرافضة يلجأون إلى القول بالبداء لتبرير ما يقع من خطأ في تنبؤهم لما يكون في المستقبل وإلى إجازة التقية لتبرير نسيان فتاواهم السابقة والقول بخلافها، وقد انقسمت شيعته بعده إلى ست فرق منها فرقة لم تعتقد بموته تدعى الناووسية قالت إنه سيظهر ويلي أمر الناس وهو القائم المهدي، ومنها فرقة قالت بإمامة عبد الله بن جعفر الأفطح الذي مات دون ولد فانضموا لمن قال قبلهم بإمامة موسى بن جعفر. وادعت القرامطة أن محمد بن إسماعيل بن جعفر هو الإمام القائم المهدي.(4)
وبعد موت موسى بن جعفر في سجن الرشيد افترقت شيعته إلى خمس فرق نذكر منها فرقتين، فرقة قالت أنه لم يمت ولا يموت حتى يملك شرق الأرض وغربها ويملأها عدلا كما ملئت جورا وأنه القائم المهدي ورووا عن أبيه جعفر روايات تؤيد ذلك، وفرقة قالت بإمامة علي بن موسى الرضا، ومات الرضا وتفرق أتباعه من بعده فقد كان أكبر عمر أبنائه وإسمه محمد سبع سنين وكان قد تركه إلى خراسان وعمره أربع سنين وأشهر، لذا رجعت فرقة إلى القول بالوقف وذهبت الاٌخرى إلى إمامة أحمد بن موسى.(4) لكن فرقا اُخرى من الشيعة رأت أن الإمامة لا ترتبط بسن معينة (1) وهو ما قد يستغربه المتدينون المخالفون للشيعة كأهل السنة ويتساءلون عن كيفية إنهاء طفل عمره أربع سنوات للتعلم من الإمام الذي قبله أو بإلهام من الله مباشرة (5)، غير أن أهل السنة كالشيعة لا يرون إشكالا في الإيمان باسطورة مقاربة هي كلام عيسى في المهد رغم عدم اعتماد المسيحيين أنفسهم لانجيل الطفولة الذي ذكرها وعدم إيمانهم بها بل بأساطير اُخرى مثل إحياء يسوع المسيح للموتى وإبرائه الأكمه والأبرص التي لا يستغربونها هم ولا المسلمون لمجرد ذكرها في كتب يقدسونها.
ونعود إلى سلسلة الأئمة، فبعد محمد بن علي بن موسى، صارت الإمامة إلى ابنه ووصيه علي بن محمد بن علي بن موسى (أبو "الحسن العسكري") فلما توفي اختلفوا إلى فرق منها فرقة تضم كثيرا من أصحابه ذهبت إلى إمامة ابنه الحسن العسكري الذي هو الإمام الحادي عشر عند الإثني عشرية وكانت الصدمة حين مات الحسن العسكري (عام 260 هـ) دون ولد فاختلفوا إلى فرق يعد منها النوبختي ثلاثة عشر فرقة فمنهم من قال إنه لم يمت لكنه غاب وإنه القائم، معتبرين أنه لا يجوز للإمام أن يموت ولا ولد له ولا خلف معروف ظاهر قالوا فنحن مضطرون للوقوف عليه لأن الأرض لا تخلو من إمام فلا بد أنه غائب!، وفرقة ثانية قالت بنحو ذلك غير أنها صدقت بموته وبأنه حي بعد الموت، وفرقة ثالثة قالت بموته وزعموا أن الحسن قد أوصى بإمامة أخيه جعفر من بعده رغم كل العداوات بينهما في حياتهما ورجعوا عن قولهم في منع وصية الأخ لأخيه وأن الإمامة يجب أن تكون في عقب الإمام بعد الحسين، وفرقة رابعة رجعت عن الاعتقاد بإمامة الحسن وادعت بطلانه لأنه لا خلف له وقالت بإمامة جعفر من طريق أبيه حيث أنكروا أنه يجوز حسب قول جعفر بن محمد وغيره من أئمتهم أن تكون الإمامة بين أخوين بعد الحسن والحسين، أما الخامسة فلم تجد مهربا من الصفات الذميمة لجعفر الذي هو ظاهر الفسق ولا من عدم وجود خلف للحسن إلا بإنكار النص على أي منهما والقول بأن الإمامة لمحمد بن علي الذي مات في عهد أبيه لأن له عقب معروف قالوا ولا مناص عن ذلك سوى بطلان الإمامة أصلا وهو ما لا يجوز، والفرقة السادسة تفرض له ولدا "اسمه محمد" للخروج من المأزق متمسكين بأن إمامة الحسن ووصيته ثابتة ولا يمكن التراجع عنها وبالتالي لا بد له من خلف ومن إمامة هذا الولد وبرروا اختفاءه بالتقية خوفا من عمه جعفر وغيره من أعدائه! وأنه في إحدى غيباته وأنه هو الإمام القائم وزعموا أنه عرف في حياة أبيه وأنه قد نص عليه، بينما كذبتهم الفرقة السابعة في دعوى وجوده أثناء حياة الحسن فقالوا أن ذلك لا يخفى وأن الولد لا بد أنه وُلِد بعد موت الحسن بثمانية أشهر وأنكرت ذلك الفرقة الثامنة وقالت لا ولد للحسن أصلا، قالوا "لأنا قد امتحنا ذلك وطلبناه بكل وجه فلم نجده، ولو جاز لنا أن نقول في مثل الحسن وقد توفي ولا ولد له أن له ولدا لجازت مثل هذه الدعوى في كل ميت عن غير خلف ولجاز ذلك في النبي ........ لأن مجيء الخبر بوفاة الحسن بلا عقب كمجيء الخبر بأن النبي لم يخلف ذكرا من صلبه فالولد قد بطل لا محالة ومع ذلك فهناك حبل قائم فإنه لا يجوز أن يمضي الإمام ولا خلف له فتبطل الإمامة وتخلو الأرض من الحجة"، ورُد عليهم بأن الحبل لا يكون أكثر من تسعة أشهر وأن الحبل الذي ادعوه قد مضى عليه سنون ولا بينة على قولهم، وقالت التاسعة إن وفاة الحسن قد صحت لكثرة المشاهدين لموته وتواتر ذلك عن أوليائه وأعدائه كما صح بمثل ذلك أن لا خلف له، وأن الإمامة قد انقطعت بعد الإمام الحادي عشر الحسن العسكري" كما انقطعت النبوة من قبله وزعموا أنه ليس في قولهم هذا بطلان الإمامة، وكذلك لم تزعم ثلاثة فرق اُخرى أن للحسن العسكري ولدا، فقالت إحدى تلك الثلاثة إن الأمر قد اشتبه علينا وقد كثر الإختلاف وإن الأرض لا تخلو من حجة ونحن "نتوقف ولا نقدم على القول بإمام بعده إذ لم يصح عندنا أن له خلفا وخفي علينا أمره حتى يصح لنا الأمر ويتبين".(4)
وأخيرا يذكر الكاتب رأي فرقة يصفها بأنها "الشيعة الإمامية الصحيحة التشيع" وأنها تمثل المأثور عن الأئمة، وهو أن الإمامة بعد الحسن والحسين لا يجوز أن تكون في الأخوَين وأنها في عقب الحسن بن علي (العسكري) "إلى فناء الخلق وانقطاع أمر الله ونهيه ورفعه التكليف عن عباده متصلا ذلك ما اتصلت امور الله" وأن الأرض لو خلت من حجة لساخت هي ومن عليها، وهم مؤمنون بأن للحسن (العسكري) خلفا من صلبه سيظهر ويعلن أمره كما فعل نبي الإسلام في بداية أمره في مرحلة الدعوة السرية في مكة حيث "ترك إظهار النبوة التي هي أجل وأعظم من الإمامة".(4) .. انتهى الإقتباس من كتاب "فرق الشيعة".
والآن نلخص أهم ما نفهمه من هذا الكلام:
1- أنه لا وجود لأي نص على إثني عشر إماما مما يدل على أن الأخبار التي يرويها الإثنا عشرية اليوم موضوعة، وُضِعت ثم اشتهرت بعد الغيبة الصغرى عندما رأى الناس عدم ظهور ذلك الإمام.
2- أن الشيعة الإمامية كانت ترى استمرار الإمامة إلى يوم القيامة مما يؤكد رفض أي عدد محدد للأئمة.
3- أن الإعتقاد بوجود ولد للإمام الحسن العسكري كان مسألة إيمانية عقائدية لا دليل تأريخي عليها.
4- أن الاعتقاد كان سائدا بين من اعتقد بالغيبة أن الغيبة لن تطول حتى أنهم يستدلون على جواز غيبة الإمام بزمن الدعوة السرية لنبي الاسلام في مكة!
وأقصى ما قيل في الفترة بين كل هذه الفرق هو قول الفرقة التاسعة أنها كالفترة المعتبرة بين عيسى ومحمد وهي حوالي ستة قرون وقد تجاوزت الغيبة اليوم هذه الفترة بأكثر من خمسة قرون، مع ضرورة الإشارة إلى أن هذه الفرقة جوزت إنقطاع الإمامة خلافا لغيرها من الفرق وتروي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد أن "الأرض لا تخلو من حجة إلا أن يغضب الله على أهل الأرض بمعاصيهم فيرفع عنهم الحجة إلى وقت" وسيأتي الرد على من يلقي باللائمة على الناس في غياب الإمام.
وليس من الغريب أن تظهر شائعات بين بعض الشيعة بعد موت إمامهم دون ولد حول وجود ابن "مخفي" لذلك الإمام أسموه "محمد بن الحسن العسكري" لينقذوا مذهبهم.
يخبرنا جواد علي أن الحل في ذلك "الوضع المتأزم" بعد موت الإمام الحادي عشر دون ولد عند كثير من الشيعة قد تمثل بأنه قد كان للإمام ولد، وكان هناك شهود كثيرون على ذلك رأوا الولد، وكان هذا الولد خليفة أبيه، وقد أخفاه الله خوفا عليه من الخليفة فهو لا يتصل بالناس إلا عن طريق وكيله، ويحدثنا المؤرخ عن الاختلافات بين من أثبت ولدا للحسن العسكري فعن ولادته كان مقترح أقدم كتب الشيعة الاثني عشرية ذات العلاقة هو عام 255 أو 256 هـ وموضع واحد يذكر عام 254 هـ ، وقد ذكرنا أن الفرقة السابعة في كتاب فرق الشيعة تقول أنه ولد بعد ثمانية أشهر من موت الحسن، وذهب أبو الحسن الخصيبي (باب النصيرية) أنها عام 257 هــ بينما ذهب آخرون إلى عدم إمكان تحديد سنة ميلاده والتي لا يذكر الأشعري (324 هـ) مؤلف "مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين" شيئا عنها، كما أن الكتب في زمن الغيبة الصغرى لا تحدد زمن إختفاء الإمام ولا مكانه، وقصة الإختفاء في السرداب لم ترد إلا في الكتب المتأخرة. وحين وشى جعفر أخو الحسن العسكري للخليفة بأن الشيعة يؤمنون بولد للإمام أخفته أمه صيقال، أنكرت أن تكون قد ولدت لكنها قالت بأنها حامل فوضعت تحت المراقبة لثلاث سنوات دون أن تلد. (1)
لم يجد الإثنا عشرية الأوائل مشكلة أن الإله الإسلامي يأمر الناس باتباع الإمام ويعجز عن حفظه من الناس، لكنهم في نفس الوقت لم يظنوا أن ذلك الإمام الذي آمنوا بوجوده لن يظهر لأحد عشر قرنا، وبالتالي لم تكن المشكلة نظريا بالحجم التي هي عليها اليوم عند من يوجب معرفة الإمام وطاعته وهو يجوّز غيابه لكل هذه الفترة.
والحاصل أنه قد آمن بعض الشيعة فيما بعد هذه الفترة بوجود هذا "الإمام المختفي" الذي لا دليل على وجوده وأن له "سفراء أربعة" موثوقون، لكن ذلك المنصب كان يدعيه كثير من النواب الآخرين (1) حيث ينقل الباحث أحمد الكاتب في كتابه أسماء أربعة وعشرين شخصا ادعوا نيابتهم عن الإمام الذي أسموه "محمد بن الحسن العسكري" (3) منهم الشريعي والنميري والعبرتائي والحلاج، مما يؤكد أن دعوى النيابة كانت مربحة فالسفراء كانوا يجمعون مبالغ مالية من الناس (1) مباشرة أو بواسطة الوكلاء أو النواب (3) بدعوى إيصالها للأئمة وبما أنه لا نيابة بدون منوب عنه فإن دعوى السفراء مشاهدة الإمام قد يكون اختلاقا له كوسيلة لتحقيق المنفعة الشخصية لا دليلا على وجوده كما يقول رجال الدين الإثنا عشرية الذين هم بدورهم اليوم يبررون بما يدعونه "النيابة العامة" أخذ الخمس من أموال الناس بخلاف المتقدمين منهم كالمفيد والمرتضى والطوسي (3)، والشيعة المتدينون اليوم يدفعون هذا الخمس دون أن يعود عليهم ضمان اجتماعي منه كما هو الحال في الدول التي تحكمها أنظمة ليبرالية اجتماعية أو ديمقراطية اشتراكية.

ومن الشخصيات التي ادعت منصب السفير الثاني حسب ما ينقله جواد علي عن الطوسي هو محمد بن نُصَير النـُّمَيري الفـَهري الذي يتبعه النصيرية أوالنميرية الذين يقدسون أيضا الأئمة الإثني عشر، ولديهم معتقدات اُخرى كالتناسخ والقول بأن الحسين لم يقتل في كربلاء بل رجل يشبهه كما حصل للمسيح.(1)

ولم يكن أمرا طبيعيا السؤال عن شخص الإمام حيث ينبه جواد علي إلى أن الكتب الشيعية تحرم مجرد ذكر إسم الإمام وأن السفراء كانوا يبررون المنع من ذلك بتعريض الإمام للملاحقة من أعوان الخليفة (1).

يقول الحسن النوبختي الذي عاش بداية الغيبة الصغرى عند كلامه عن عقيدة فرقة الإمامية مشيرا إلى الإمام: (4)
"ليس للعباد أن يبحثوا عن أمور الله ... ويطلبوا إظهاره ... ولا يجوز ذكر اسمه ولا السؤال عن مكانه حتى يؤمر بذلك، إذ هو عليه السلام مغمود خائف مستور بستر الله تعالى وليس علينا البحث عن أمره بل البحث عن ذلك وطلبه أمر محرم ولا يحل لأن في طلب ذلك وإظهار ما ستره الله عنا وكشفه وإعلان أمره والتنويه بإسمه معصية لله والعون على سفك دمه عليه السلام ودماء شيعته وانتهاك حرمته...... وفي ستر ذلك والسكون عنه حقنها وصيانتها وسلامة ديننا..."
ويظهر من ذلك أن تهرب السفراء من إثبات وجود الإمام المزعوم كان أمرا هينا في ظل هذه العقيدة التي تحرّم السؤال عنه بدعوى تعريضه للخطر.

وانتهت فترة الغيبة الصغرى عند الشيعة الإثني عشرية بموت "السفير الرابع" السمري عام 329 هـ والذي لم يعين سفيرا من بعده (1)، وكما فعل كثير من الشيعة في تأريخهم عند الوصول إلى طرق مسدودة بعد موت إمامهم اكتفى البعض باثني عشر إماما وادعوا غيبة الأخير ووجدوا ضالتهم في تراث الأديان السابقة وتوظيف "النص السني" عند البخاري ومسلم الذي يتحدث عن اثني عشر إماما واختلاق نصوص مماثلة.

وهكذا نشأ مذهب الإثني عشرية وأسمَوا الفترة بين موت الحسن العسكري وموت آخر "السفراء" بـ"الغيبة الصغرى" وما بعد موت السمري الغيبة الكبرى(3)، ووضع رجال الدين الشيعة الأخبار التي تقول بمشاهدة ذلك الإمام وأن المعجزة والكرامة كانت تجري على أيدي السفراء، علما أن النوبختي الشيعي الإمامي (ت 300-310) لا يذكر في كتاب "فرق الشيعة" شيئا عن السفراء، وأنه لا دليل على أن الكتب التي تحدثت عن المهدي قبل الغيبة الصغرى تعني الإمام الثاني عشر تحديدا إذ إن فكرة المهدي موجودة قبل ذلك وقد تحدثت الفرق الشيعية المختلفة عن شخصيات اُخرى اعتبرتها المهدي (1) والأحاديث التي تذكره عامة غير محددة بشخص معين(3)، ولا زال الشيعة الاثني عشرية يعتقدون أن إمامهم موجود لكنه غائب، وما زال بعضهم يردد حتى يومنا هذا أن من أسباب غيابه هو الخوف عليه من العباسيين!.
أما الأعجب من ذلك عند رجال الدين الشيعة الإثني عشرية هو أنهم ينسون أو بالأحرى يتناسون في معرض تبريرهم لغياب الإمام ما يعتبرونه أدلة على وجوب وجود إمام معصوم فالله حسب زعمهم لا يترك الناس هملا دون إمام معصوم يبين لهم أحكام الشريعة ووجود الإمام المعصوم عندهم لطف من الله واللطف واجب على الله (يعنون "الوجوب من حيث الحكمة" كما عند المعتزلة).

وفي جواب على استفسار بهذا الخصوص مرسل إلى "مركز الأبحاث العقائدية" يضع المجيب المسؤولية في الغيبة على عاتق الناس المساكين الذين ما زالوا ينتظرون قدوم الإمام المزعوم كل هذه الفترة فيقول: (6)
"انّه لمّا لم تكن العلّة في الغيبة على عاتقه عليه السلام فالمسؤوليّة في هذا المجال تبقى مع الناس ...... لو كانت المصالح تقتضي ـ ومنها تلقّي الوسط العام من المجتمع قبول الإمام "عليه السلام" لما استمرّت الغيبة طوال هذه الفترة المديدة ، وهذا معنى كلام بعض العلماء "رحمهم الله" "وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر وعدمه منّا""

أقول: حتى لو سلمنا جدلا بعدم وجود قبول عام من المجتمع فإن ذلك لا يرد دعوى عدم وجود إمام معصوم بل يعطي سببا آخر يقوّي تلك الدعوى فالمسلمون ليسوا فقط مستغنين عن إمام معصوم بل هم لا يستحقونه أو لا يريدونه أصلا! فهو قد أثبت الإعتراض على مذهبه من حيث أراد نفيه!

ثم يتذرع لغياب الإمام بأن هذه الأدلة التي يطرحونها عند محاولة الاستدلال على ضرورة وجود إمام معصوم "تأخذ على عاتقها اثبات وجود الامام في الكون"(6) وكأن الناس الذين يريد متكلموا الإمامية الإستدلال على وجوب تدليلهم على مصالحهم وتعريفهم بالأحكام الشرعية يسكنون في مجموعة شمسية اُخرى في مجرتنا أو ربما في إحدى المجرات السحيقة!
ثم يهرب المجيب من "الهداية التشريعية" التي "تتعلق بالأمور التشريعية من الاعتقادات الحقة والأعمال الصالحة" وهي طبعا الوحيدة التي يمكن التحقق منها والذي يظهر جليا عدمه بعدم وجود إمام، وينتقل منها إلى الوظيفة الثانية للإمام عنده وهي "الهداية التكوينية" والتي هي "إراءة الطريق وسوق الكائنات إلى ما ينبغي لها من الكمال كل بحسبه"، فالعالـَم من دون الإمام برأي بعضهم "يضطرب ويختل توازنه" مستدلا بما ورد في حديث أن "الأرض من دون الإمام تسيخ بأهلها"(7)
وطبعا نحن كلادينيين واثقون بأنه لا الله هو المسؤول عن توازن الكون ولا بعض الأئمة بل نعلم أن الجاذبية تعمل حسب الاصول وفق قانون الجذب العام الذي اكتشفه نيوتن دون الحاجة إلى أي من المذكورين أعلاه، كما إنه من الواضح أن فرضية الهداية التكوينية مبنية على النقل والإيمان الصرف فكيف يستدل على وجوب وجود إمام غائب بفرضية واضحة البطلان.
وإذا كان من الممكن للإمامية الذين عاشوا بعد الغيبة بفترة قصيرة أن ينتظروا بدون إمام دون أن تنتهي صلاحية أدلتهم على وجوب وجوده فإن طول هذه الفترة لقرون طويلة تتجاوز المدة بين نبي الاسلام وعيسى (أو يسوع) لهو أكبر دليل على بطلان دعواهم.
ومن الغريب أن يجوّز بعض الشيعة اختفاء إمامهم بناءً على اختفاء عيسى عند المسيحيين فالمسيحية لا تؤمن بوجوب وجود من يدل الناس على مصالحهم ومنافعهم ويبين لهم الأحكام الشرعية كما تقول الإمامية.
أما بالنسبة لاختراع "النيابة العامة" و"ولاية الفقيه" فهو ليس إلا التفافا على فكرة ضرورة وجود إمام معصوم(3)، فإن جاز حسب زعم بعض الشيعة المتأخرين نيابة الفقهاء لقرون طويلة عن الإمام وهم غير معصومين دل ذلك على بطلان ضرورة وجود إمام معصوم في كل زمان وأن تركهم دونه جائز الوقوع وبالتالي جائز على الإله الذي يؤمنون به.
وعمليا مرة اُخرى نرى الشيعة الإثني عشرية قد واجهت نفس المشكلة التي واجهها من لا يؤمن بالإمامة فسلكوا بعد عصر الغيبة سلوكا مشابها لسلوك أهل السنة قبلهم في القرن الثاني من حيث الحاجة إلى الإجتهاد بسبب عجز النصوص الدينية عن الإيفاء بالمستجدات، فظهر "الاصوليون" من الشيعة الإمامية الذين تأثروا بعقائد المعتزلة بعد أن طال الزمان واختلفت الروايات الموجودة في كتب الحديث عند الشيعة عن أئمتهم بين الجبر والإختيار مثلا، فكان أصحاب جعفر بن محمد يلعن بعضهم بعضا فمنهم من يرى الجبر ومنهم من يرى الإختيار، ولم تكن هذه هي المسألة الفقهية أو الكلامية الوحيدة التي اختلفوا حولها بل كان "الإنقسام سمة علم التوحيد الشيعي" قبل الغيبة حسب تعبير جواد علي الذي يرى أنه لم تكن هنالك سوى الإيمان بالإمامة عقيدة موحدة عند الإمامية قبل الغيبة الصغرى كما لم تكن هنالك عقيدة موحدة في علم التوحيد بعد موت النبي(1)، ويُلحَظ الشبه مع عقائد المعتزلة في اصول الدين كما صاغها الشيخ المفيد (413هـ) بنقاطها الخمسة في اشتراكها مع المعتزلة في الأصلين الأولين (التوحيد والعدل). (8)
ومن الأمثلة عن ما يروى من اختلاف رأي أصحاب جعفر بن محمد (الملقب بالصادق) في العقائد عن الذي ساد عند الإمامية فيما بعد هو أن زرارة بن أعين قد اتهم بالتشبيه وبأنه كان يرى أن الله جسم صلب، وكذلك كان هشام بن سالم الجواليقي يقول بالتشبيه. وقد روي أن هشام بن الحكم كان مشبِّها أيضا وممن روى ذلك من الشيعة المتقدمين الحسن بن موسى النوبختي (1).
بدأت فرقة الاصوليين بعد الغيبة الصغرى بمعالجة مشكلة عجز النصوص الدينية عن تلبية المستجدات باختراعات مشابهة إلى حد ما لما وجد قبل ذلك عند الاصوليين من أهل السنة كوسيلة لحل المشكلة ذاتها حيث استخدم الحسين بن عقيل العاملي وابن الجنيد مناهج المتكلمين ومصطلحات علم الكلام، ورغم الرفض الذي لاقاه عمل ابن الجنيد بالقياس فقد لقي مذهب الاصوليين الذي أسس للإجتهاد عند الإمامية دعما من المفيد والمرتضى (1) وبدأ هذا المذهب يسود، ثم ظهر الإجماع عند الإثني عشرية على يدي تلميذي المفيد (المرتضى (436هـ) والطوسي (460هـ)) وهو ما يكون دليلا على الحكم الشرعي، بمعنى أنه كاشف عن قول المعصوم(5) إلا أن الإماميين قد يختلفون أحيانا في ما يمكن أن يكون كاشفا عن قول المعصوم فمثلا يمنع الاصوليون من الإمامية تقليد المرجع الميت ابتداءً معتمدين على إجماعٍ يعتبره السيد ياسر إبراهيم غير صالح لأن يكون كاشفا عن قول المعصوم(9)، وتطور مفهوم "العقل" في اصول الفقه بعد المفيد حتى نص عليه محمد بن أحمد بن إدريس (598هـ) كدليل شرعي والتي أصبحت بذلك أربعة هي الكتاب والسنة والإجماع والعقل (10) وعرّف دليل العقل بعد ذلك المحقق الحلي (676 هـ) بأنه لحن الخطاب وفحوى الخطاب ودليل الخطاب، وما ينفرد العقل بالدلالة عليه ويحصره –حسب المظفر- في وجوه الحسن والقبح (5). لكن الشيخ المظفر احتار في ما أراده المتقدمون من الإمامية الاصولية بدليل العقل فابن إدريس لم يشرحه وبعض الذين أتوا بعده يضيفون إليه أمورا كالبراءة الأصلية والاستصحاب أو يطرحون منه، أما المظفر نفسه فيقسم دليل العقل إلى حكم العقل بالحسن والقبح وحكم العقل بالملازمة بين حكم الشرع وحكم آخر، ويعرّفه بأنه "كل حكم عقلي يتوصل به إلى الحكم الشرعي" (5)، وحسب الكاتب يحيى محمد السوداني فإن الإخباريين قد نجحوا في النهاية في جعل الإمامية تتخلى عن فكرة أن العقل كاشف عن الحكم الشرعي(11).
ويرى جواد علي أن القياس هو جزء من دليل العقل أو هو نفسه تحت مسمى آخر ورغم ذلك يرفض الإثني عشرية اللفظ الأول ويقبلون اللفظ الثاني (1) فهل هذا صحيح؟
في رد على مثل هذا السؤال حول الفرق بين القياس ودليل العقل يرد أحد رجال الدين الإثني عشرية بالقول أن "القياس قسمان، منطقي صحيح وشرعي ظني لا يجوز كما عند أهل السنة باستثناء منصوص العلة".
http://www.aqaed.com/faq/2007
وأقول إن القياس المنطقي إما أن تدخل في مقدمته علة منصوصٍ عليها شرعا وهذا قليل جدا لا يكفي للوقائع المستجدة، أو تكون غير منصوص عليها فيكون حكما بالعقل ابتداءً أي استقلال العقل بالحكم وجعله حجة على الحكم الشرعي وهي تهمة الإخباريين (الذين يرفضون دليل العقل) والتي ينأى الاصوليون المتأخرون بأنفسهم عنها كما نقلنا عن السوداني(11) وكما هو عند الشيخ المظفر الذي يرى أنه لا يمكن أن يستقل العقل بإدراك الأحكام الشرعية ابتداء بل هو حجة يتوصل به إلى الحكم الشرعي(5)، وموقفهم هذا ليس غريبا لأن الحكم بالعقل ابتداءً هو حكم لاديني يوضح عدم الحاجة إلى الشرع والدين أصلا، أو بتعبير بعض الإخباريين من الإمامية "بطلان إرسال الرسل وإنزال الكتب"(11) ونحن كلادينيين نقول أن ذلك باطل بالفعل، أما الاصولية من الإمامية اليوم فكيف يزعم بعضهم الحكم فيما يستجد من الامور باستعمال دليل العقل دون الحكم بالعقل ابتداءً مع زعمهم التوصل إلى الحكم الشرعي دون استعمال القياس، وليس هنالك سواهما؟!
يقول المظفر " إننا نقصد من الدليل العقلي حكم العقل النظري بالملازمة بين الحكم الثابت شرعا أو عقلا وبين حكم شرعي آخر"(5)، وأقول هذا لا يكون إلا بإثبات حكم الأصل للفرع لاشتراكهما في العلة والذي هو القياس عند أهل السنة، وبالفعل لم يستطع الشيخ المظفر أن ينتهي من شرحه لدليل العقل إلا باستخدام كلمة القياس بقوله "فإن هذه الملازمات وأمثالها أمور حقيقية واقعية يدركها العقل النظري بالبداهة أو بالكسب، لكونها من الأوليات والفطريات التي قياساتها معها....".
يتضح من ذلك أن قول د. جواد علي أن القياس عند أهل السنة هو جزء من دليل العقل عند الإثني عشرية صحيح وأنه مجرد تلاعب بالألفاظ هروبا من الاعتراف بالعمل بالقياس والرأي المذمومين في كتب الحديث عند الشيعة.
وتقول الفرقة الاصولية من الإمامية بإباحة ما لم يرد فيه نص بناء على البراءة الأصلية والاستصحاب، وترفض ذلك الإخبارية وتطالب بالاحتياط والتوقف في الأحكام الشرعية وبالإحتياط أيضا أو البراءة في غير الأحكام الشرعية (11)، وكلا الرأيين يبينان عجز النص الديني عن تقديم قوانين صالحة لدولة معاصرة باحتياجاتها المستجدة الكثيرة والحاجة إلى قانون مدني علماني.

أما عن الحديث فمن أهم كتبه عند الشيعة الامامية الإثني عشرية الكتب الأربعة وهي الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني و"من لا يحضره الفقيه" لأبي جعفر محمد بن بابويه القمي و"تهذيب الأحكام" و"الإستبصار فيما اختلف من الأخبار" لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي(10) وتنقل أغلبها عن أئمتهم لا سيما جعفر الصادق ومحمد الباقر وبعضها عن نبي الاسلام (1)، حيث تعتقد الإمامية أن أئمتهم مُلهَمون من الله ومنصوبون من عنده على لسان النبي لتبليغ الأحكام وقولهم سنة لا حكاية عنها(5) لذا يجب اتباع أقوالهم كما يجب اتباع أقوال النبي، وكتب الحديث الأربعة هذه لا تعتبر صحيحة بالكامل إلا عند فرقة "الإخباريين" (10) أو المتأخرين منهم باصطلاح المظفر(5).

كذلك تم لاحقا تأليف (الجوامع المتأخرة) والتي تضمنت تعليقات مؤلفيها على الكتب الأربعة، وهي: كتاب (الوافي) للفيض الكاشاني، وكتاب (وسائل الشيعة) للحر العاملي، وكتاب (بحار الأنوار) للمجلسي، وكتاب (مستدرك الوسائل ومستنبط الدلائل) لميرزا النوري.(10)
وكانت الكتب الأربعة وعلى رأسها الكافي بنظر المتقدمين من الفقهاء والمحدثين الامامية من أوثق المصادر في الحديث عند الإمامية إلى أواخر القرن السابع الهجري زمن العلامة الحلي (ت 726 هـ) واستاذه أحمد بن موسى بن جعفر (ابن طاوس) وتقسيمهم للمرويات عن نبي الاسلام والأئمة إلى الأصناف الأربعة (الصحيح ، والحسن ، والموثق ، والضعيف) وانتقدتهم بسبب ذلك فرقة الإخباريين حيث يرفض الإخباريون هذا التقسيم ويقطعون بصحة جميع ما رواه رواه المحمدون الثلاثة مؤلفوا الكتب الأربعة السابق ذكرها في المقال(1)(12)، كما يرفضون كافة الإختراعات التي أتى بها الاصوليون كالعقل والإجماع، وهم يمثلون اليوم الأقلية بين الإمامية فطريقة الاصوليين هي التي سادت تأريخ مذهب الإمامية حتى يومنا هذا، ولم تظهر فرقة "الإخباريين" بقوة سوى حوالي قرنين من الزمان ابتداءا من أوائل القرن الحادي عشر الهجري على يد محمد أمين الاسترابادي (ت 1033 هـ) الذي ثار ضد عمل الاصوليين بالاجتهاد من خلال تطبيق أصول الفقه المستمدة من العقل (13).
وبعد تقسيم الحديث أصبح الصحيح حجة عند القائلين بحجية خبر الواحد كما اشتهر أن الموثق والحسن حجة أيضا (14)، وقام بعض الاصوليين من الامامية بدراسة الحديث والحكم بضعف أغلب ما في الكافي مثل الطريحي (ت 1085هـ) الذي حكم بالضعف على 9485 حديثا من مجموعها البالغ 16199 حديثا (12)(15)، لكن وصف الحديث بالضعف عند الإمامية لا يقتضي عدم اعتبارها مطلقا وعدم جواز الاعتماد عليها، بل يمكن ذلك في حالة وجود قرائن تؤيد صحتها عندهم كوجودها في احد الأصول الأربعمائة، أو في بعض الكتب المعتبرة عندهم، أو موافقتها للكتاب والسنة ، أو لعمل فقهاء الإمامية بها حيث إنه قد اشتهر عند المتأخرين أن ما اشتهر العمل به والإعتماد عليه من الروايات الضعيفة، تصبح كغيرها من الروايات الصحيحة (12)(14)، لكن المتقدمين من الإمامية كان لهم رأيا آخر حيث رأى كثير منهم عدم حجية خبر الآحاد مطلقا كالمرتضى وابن إدريس (1) وابن البراج ، والطبرسي ، وابن زهرة (16) وادعوا في ذلك الإجماع، لكن لم يُعرَف حسب الشيخ محمد رضا المظفر من رأى ذلك بعد ابن إدريس، بل قد صرحت جماعة ثانية بالإجماع على قبول خبر الواحد إذا كان ثقة مأمونا في نقله منهم الطوسي وابن طاوس والعلامة الحلي والمجلسي، ويعترف الشيخ المظفر بالحيرة العظيمة التي واجهت الباحثين بسبب هذا التناقض في نقل الإجماع بين المرتضى وتلميذه الطوسي، لكنه ينتهي إلى الإعتراف بإجماع الطوسي (5)، ويبين لنا سببَ ادعاء المتأخرين من فقهاء الإمامية الإجماعَ على حجية خبر الواحد الشيخُ الغريفي حيث يقول أنه لولا ذلك الإجماع لانسد باب العلم "لندرة الخبر المتواتر لدينا ، وعدم حصول القطع بصدور جميع اخبارنا عن المعصوم (ع) وعدم وفاء مصادر التشريع الاخرى ببيان جميع الاحكام"(14)، بل قد اعترف الطوسي أن أكثر الأخبار تفتقد إلى قرينة تدل على صحتها مما جعل الشيخ عباس الموسى لا يستغرب أن جذور "دليل الانسداد" عند الإمامية ترجع إلى زمان الطوسي(17)، وبالتالي تعمل الشيعة اليوم كما هو حال أكثر الطوائف الاسلامية بأخبار الآحاد والظن مع محاولة الترجيح بين الأحاديث المتناقضة حتى أن المجلسي يعتمد أساسا على "الأدلة العقلية والآيات والأخبار السالفة" في دعوته لتأويل أو رد الأحاديث التي "توهِم" بالغلو في النبي والأئمة(18).
وقد ذهب بعض رجال الدين الإثني عشرية إلى التفريق بين الفروع والاصول بتخصيص النصوص القرآنية التي تنهى عن العمل بالظن بالعقائد، والسماح بذلك في الأحكام الفرعية، ومن الذين قالوا بذلك التفريق السيد الطبطبائي والقمي والميرزا النائيني والآشتياني والبروجردي والمحقق العراقي والشيخ حسن صاحب المعالم (17) وهو ما نراه عند المعتزلة ثم الأشاعرة، حيث يعمل جمهور فقهاء المسلمين من كل المذاهب بالظن في مسائل الأحكام الشرعية التي تتعلق بحياة الناس مما يبين استهانة المذاهب الاسلامية التقليدية بالنفس البشرية التي يمكن أن تـُزهَق حسب الشريعة الإسلامية بحكم فقهي مبني على خبر لم يثبت قطعا بالتواتر.
وهكذا يظهر أن الحاصل عند الشيعة الإثني عشرية هو أن علم الكلام في العقائد والاجتهاد في الفروع المبني على اصول الفقه المخترعة بأحكامها الظنية وتقسيم الحديث والحكم عليه تصحيحا وتضعيفا والأخذ بخبر الواحد قد حل عمليا عندهم محل الإمام الغائب مما يخالف ما يزعمونه من أدلة على ضرورة وجود إمام.

المصادر
:
(1) جواد علي، المهدي المنتظر عند الشيعة الإثني عشرية، ترجمة د. أبو العيد دودو، منشورات الجمل 2007

(2) عباس الموسى، الإمامة أصل من الدين أم المذهب؟، شبكة والفجر الثقافية
http://www.walfajr.net/?act=artc&id=8698
(3) موقع أحمد الكاتب

http://www.alkatib.co.uk
(4) الحسن بن موسى النوبختي وسعد بن عبد الله القمي، فرق الشيعة، تحقيق وتقديم وتعليق د. عبد المنعم الحفني، دار الرشاد 1992

(5) محمد رضا المظفر، أصول الفقه (ج2)، موقع الحوزة العلمية الزينبية

http://alhawzaonline.com/almaktaba-almakroaa/book/207-osul-feqh/207-%20osul%20al-sheaa/0005-osul-muzaffar/02/index.htm
(6) غيبة الإمام المهدي (عج) لا تنفي مصلحة وجوب وجوده، شبكة أنصار الصحابة المنتجبين

http://www.ansarweb.net/artman2/publish/166/article_1362.php
(7) الهداية التكوينية والتشريعية للإمام، مركز الأبحاث العقائدية

http://www.aqaed.com/faq/4359
(8) د. منى أحمد أبو زيد، الفقه الشيعي.. "المفيد" نموذجا، إسلام أونلاين

http://www.islamonline.net/arabic/history/1422/11/article32.shtml
(9) ياسر إبراهيم، تقليد الميت ابتداءً جائز، البلد

http://www.albaladonline.com/html/story.php?sid=113713

(10) كريم المحروس، مراحل نشوء وتطور التعليم الديني: تطور المنهج التعليمي، شبكة النبأ المعلوماتية

http://www.annabaa.org/nbanews/63/53.htm
(11) يحيى محمد، موقف الإخبارية من العقل الاصولي، فهم الدين

http://fahmaldin.com/index.php?id=682
(12) هاشم معروف الحسيني ، دراسات في الحديث والمحدثين، ص 40-48، 130-139، شبكة الشيعة العالمية

http://www.shiaweb.org/books/hadith/pa5.html
(13) عبد الهادي الفضلي، دروس في أصول الفقه الإمامية، ص 74، موقع الحوزة العلمية الزينبية

(14) محي الدين الموسوي الغريفي ، قواعد الحديث، شبكة رافد للتنمية الثقافية

http://www.rafed.net/books/olom-hadith/qawaed-alhadith/index.html
(15) http://www.14masom.com/hkaek-mn-tareek/16.htm

(16) نظريّة السنّة أو خبر الواحد في مدرسة الاُصول الشيعيّة القديمة، الشيخ حيدر حبّ الله

http://www.hawzah.net/Per/Magazine/FA/034/FA03412.asp
(17) عباس الموسى، الخبر المحفوف بالقرينة في العقائد، شبكة والفجر الثقافية

http://www.walfajr.net/?act=artc&id=8301
(18) أحمد القبانجي، تهذيب أحاديث الشيعة، منشورات الجمل،2009
 - الأستاذ أثير العاني